خلال ولاية دونالد ترامب الثانية، يجد الاقتصاد الأميركي نفسه في قلب عاصفة اقتصادية معقدة، يغذيها مزيج من العوامل السياسية والتجارية والمالية، فبعد فترة من التعافي النسبي والنمو المطرد، جاءت الأرقام الأخيرة لتكشف عن أول انكماش اقتصادي منذ سنوات، ما أثار تساؤلات كبيرة في الأسواق العالمية بشأن صلابة الاقتصاد الأميركي واستدامة زخمه تحت إدارة الرئيس ترامب.
هذا الانكماش، الذي فاجأ الكثير من المحللين، لا يمكن فصله عن التداعيات المباشرة لحرب تجارية باهظة التكاليف، حيث تتسابق الشركات على تخزين السلع قبيل فرض الرسوم الجمركية الجديدة.
ومع تراجع الإنفاق الحكومي وضعف وتيرة الاستهلاك، يبدو أن الاقتصاد الأميركي بات يواجه تحديات مزدوجة: كبح جماح التضخم من جهة، وتفادي الوقوع في ركود اقتصادي من جهة أخرى.
ورغم ذلك، لا يزال المشهد مفتوحاً على احتمالات وسيناريوهات متعددة خلال الشهور المقبلة، في ظل ترقب الأسواق لموقف الاحتياطي الفيدرالي، وانعكاسات السياسات التجارية على سلوك المستهلكين والشركات.
بسبب ارتفاع الواردات في بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب وفي ظل شنه حربا تجارية باهظة التكلفة، انكمش الاقتصاد الأميركي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2025.
انخفض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، وهو مجموع السلع والخدمات المُنتجة من يناير إلى مارس، بمعدل سنوي قدره 0.3 بالمئة، وفقًا لتقرير وزارة التجارة الصادر الأربعاء الماضي، بعد تعديله وفقًا للعوامل الموسمية والتضخم.
كان هذا أول ربع يشهد نمواً سلبياً منذ الربع الأول من العام 2022.
كانت التوقعات تشير إلى ارتفاع بنسبة 0.4 بالمئة، بعد ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4 بالمئة في الربع الرابع من العام الماضي 2024.
ارتفعت الواردات بنسبة 41.3 بالمئة خلال الربع، مدفوعةً بزيادة في السلع بنسبة 50.9 بالمئة، مسجلةً أكبر نمو خارج جائحة كوفيد منذ العام 1974.
ونقل تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، عن كبير الاقتصاديين في شركة فودبوندز، كريس روبكي، قوله: “ربما يعود جزء من هذه السلبية إلى الإسراع في استيراد السلع قبل رفع الرسوم الجمركية، ولكن لا سبيل أمام مستشاري السياسات لتجميل الوضع.. لقد اختفى النمو تمامًا”.
كما نقل عن الخبير الاقتصادي في شؤون الشركات، روبرت فريك، قوله: ليس من المستغرب أن يتأثر الناتج المحلي الإجمالي سلباً في الربع الأول، ويعود ذلك أساسًا إلى تفاقم ميزان التجارة نتيجةً لاستيراد الشركات للسلع بكثافة لتفادي فرض رسوم جمركية مسبقة، موضحاً أن الرقم الأبرز في سياق التوسع هو إنفاق المستهلكين، وقد نما ولكن بوتيرة ضعيفة نسبيًا.