في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، جدّد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، في رسالةٍ له اليوم، التزام حكومته بكشف كامل الحقيقة ومحاسبة جميع المسؤولين “أيًّا كانوا”، مؤكِّدًا أنّ “لا تسوية على حساب العدالة” وأنّ “زمن الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي”وقال سلام أمام أهالي الشهداء والضحايا، في احتفال أقيم عند المدخل البحري للمرفأ: “انفجار الرابع من آب لم يكن مجرّد كارثة إنسانيّة؛ كان لحظةً صادمةً انكشفت فيها الثغرات العميقة في حياتنا العامة وفي منظومة المساءلة”.
وأشار إلى أنّ ذكرى الانفجار “ليست مناسبة خاصة بعائلات الضحايا فحسب، بل قضية وطنية جامعة”، معتبرًا أنّ كلّ شهيد “كان حياةً كاملةً وواقعًا وحلمًا”، وأنّ جرح بيروت “ما زال مفتوحًا لأن العدالة لم تتحقّق بعد”.
واستحضر رئيس الحكومة مشهد التضامن الشعبيّ في اليوم التالي للانفجار، قائلًا إنّ “الخامس من آب هو اسم آخر لإرادة الحياة… يوم اندفع الشبان والشابات من كل المناطق لرفع الركام ومداواة الجراح واسترداد نبض المدينة”، مؤكّدًا أنّ “هذا هو وجه لبنان الذي لا يُقهَر”.
استقلال القضاء مدخلًا للإصلاح
وفي ما بدا رسالة إلى القوى السياسية كافة، شدّد سلام على أنّ “لا دولة من دون قانون، ولا قانون من دون قضاء مستقل”، معلنًا أنّ حكومته “ستدفع قُدُمًا نحو إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية لإنهاء زمن التدخّلات والإفلات من العقاب”. وأضاف: “المحاكمة العادلة ليست مِنّة من أحد، بل حقٌّ للضحايا كما للمتهمين وضمانةٌ للعدالة نفسها”.
ولمّح رئيس الوزراء إلى ضغوطٍ تُمارَس لطيّ ملف التحقيق، فقال بلهجة حاسمة: “لا غطاء فوق رأس أيّ مسؤولية، ولا نهاية لهذا الجرح الوطني إلا بكشف الحقيقة ومحاسبة كلّ المتسبّبين”. واعتبر أنّ “منطق التسويات لا يصنع عدالةً، وأنصاف الحلول لا تُنهي المآسي بل تعيد إنتاجها”.
وختم سلام مؤكّدًا تمسّكه بما ورد في البيان الوزاري لجهة “بناء دولة قويّة، عادلة، سيّدة، حرّة، ومستقلة”، قادرة على “إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن كل شبر من أراضينا وبسط سلطتها على كامل التراب الوطني”. وقال: فلنجعل من الرابع من آب خاتمةَ زمن الإفلات من العقاب وبدايةَ زمن دولة الحق والقانون والعدالة”.
سلام: المحاكمة واجب
وخلال الجلسة الحواريّة المشتركة في المكتبة الوطنيّة- الصنائع، التي جمعته بوزير الثقافة غسان سلامة ووزيرة الشؤون الاجتماعيّة حنين السيّد، لمناقشة تداعيات انفجار الرابع من آب بعد مرور خمس سنوات على وقوعه، شدّد سلام على أنّ المطالبة بالعدالة في تفجير مرفأ بيروت تؤمّن بناء الدولة العادلة، وأنّه يجب أن نحدّد طبيعة البلد الذي نريد أن نعيش فيه.وجزم سلام بأنّ لا سيادة بلا محاسبة، ولا دولة قانون بلا محاسبة، مشيرًا إلى أنّه لا دولة من دون قانون، ولا قانون من دون قضاء، وأنّ ثقافة الإفلات من العقاب هي سبب الانهيارات والجرائم المتفلّتة، وهي ضربة لمبدأ المساواة؛ لذا يجب مواجهة هذه الثقافة.
وجدّد التزامه بالبيان الوزاري لبناء دولة حرّة مستقلة ذات سيادة تبسط سيادتها على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة، مؤكّدًا أنّ قرار حصر السلاح بيد الدولة لا رجوع عنه، وأنّ قرار الحرب والسلام سيكون بيد الدولة وحدها.
من جهتها، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعيّة حنين السيّد: “أخاطبكم اليوم كواحدة من أهالي ضحايا مرفأ بيروت”، مضيفة: “لسنا هنا اليوم لنتعزّى، بل لبناء العدل والمصالحة، ولتكون منطلقًا لسياسة عامّة تمنع تكرار المصاب”.
وأكّدت أنّ “مسؤوليّتنا كدولة تتطلّب التركيز على الشفافيّة والمحاسبة، وأنّنا نتشارك هدفًا واحدًا هو الحقيقة، ونضع ثقتنا بالقضاء اللبنانيّ الذي يقوم بعمله على أكمل وجه”.
ولفتت إلى أنّ وزارة الشؤون الاجتماعيّة ستدرج ضحايا انفجار المرفأ في البرنامج الوطني، وتصدر لهم بطاقات إعاقة.








